تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
39666 مشاهدة
13- إثبات صفة العين

[وقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور: 48]. وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر: 13، 14]. وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39].


الشرح
* قوله: (وقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ).
*الآية الأولى: في سورة الطور: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا المعنى أنا نراك، وأنت على مرأى منا، ولا تغيب عن نظرنا فسنحفظك، ففيه إثبات أنه بمرأى من الله، كما في قوله تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 46]. يعني: بمرأى ومسمع مني، فأثبت الله لنفسه سمعا يسمع به، وبصرا يبصر به.
وأثبت سبحانه لنفسه الرؤية كما قال تعالى: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ [الشعراء: 218]. فهكذا قوله: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا أي: نراك، فأثبت لنفسه العين وجمعها، وقال: بأعيننا لماذا؟ للتعظيم كما تقدم أن الجمع قد يراد به التعظيم، فلما عظم الله ذاته بأن جعل الضمير نا وهو في الأصل للجمع لكنه هنا للتعظيم جمع العين، فقال: بأعيننا فصار الجمع مناسبا؛ فجمع الضمير نا لتعظيم ذاته وجمع الأعين لمناسبة الجمع للجمع.
والمعنى: أنك بمرأى منا ولا تغيب عنا، وليس المراد أنك بداخل أعيننا، وقد جاءت السنة بإثبات عينين لله تعالى يبصر بهما كما في الحديث الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- إن ربكم ليس بأعور يعني: أن له عينين سليمتين من العور.
* الآية الثانية: في سورة القمر: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر: 13، 14].
يعني: أن الله حمل نوحا ومن آمن معه على سفينة من أخشاب ومسامير، وأخبر أن هذه السفينة تعوم على الماء وهي تحت نظر الله وبمرأى منه -جل وعلا- وإذا كان الأمر كذلك، فسيحفظها وسيحرسها وسيكلؤها ومن فيها، وليس المقصود أنها بداخل عينه جل وعلا.
* الآية الثالثة: في سورة طه، وهي قوله تعالى: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39]. يخبر سبحانه فيها أنه يحب عبده ونبيه موسى -عليه السلام- محبة خاصة، ولذلك فستتربى على مرأى مني ومرقب، فأحفظك من كل سوء ومكروه.
وليس في قوله تعالى: عَلَى عَيْنِي دليل على أن لله تعالى عينا واحدة، بل المقصود بذلك جنس العين لا عددها، لأنه ورد في السنة ما يفيد أن لله تعالى عينين حقيقيتين تليقان به، وأما عن ورودها في القرآن بصيغة الجمع وبصيغة الإفراد، فليس فيه دليل لأهل التحريف الذين يحرفون معناها إلى الحفظ والرعاية، ولا يثبتون لله صفة البصر وصفة العين؛ لأن ورودها بصيغة الجمع للتعظيم، وورودها لصيغة الإفراد للجنس- يعني: جنس العين لا عددها- وأما الحفظ والرعاية فهو من آثار رؤية الله لعبده ونبيه.
فالحاصل: أن أهل السنة يثبتون لله تعالى عينين حقيقيتين كما يشاء من غير تعطيل ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تكييف.